Montag, 5. Februar 2024

مي زيادة

 مي زيادة (1886-1941) أديبة وكاتبة وُلدت في الناصرة عام 1886 ، اسمها الأصلي كان ماري إلياس زيادة ، واختارت لنفسها اسم مي فيما بعد.

 أتقنت مي تسع لغات هي: السريانية و العربية، والفرنسية والإنجليزية والألمانية

 والإيطالية والإسبانية واللاتينية واليونانية.




كانت مدينة النّاصرة موطن والديّ مي، فأمُّها من أصل سوريّ إلّا أنّ موطنها فهو فلسطين، ووالدها إلياس زيادة أصلهُ من لُبنان، كان معلمًا في مدرسة الأرض المقدسة، كانت مهتمةً بدراسة الّلغة العربيّة، وتعلّم الّلغات الأجنبيّة، فتميّزت ميّ منذ صباها ونشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية.

وُلِدت ميّ زيادة في فلسطين في مدينة النّاصرة تحديداً، وذلك في الحادي عشر من شهر شباط عام 1886م، والدُها هو إلياس زيادة، وهو ماروني، أصلهُ من لُبنان، وكان معلمًا في مدرسة الأرض المقدسة، أمّا أمُّها فهي نُزهة معمر، وهي فلسطينيّة الجنسيّة، والتي تُعدّ من أصحاب الأدب الذين يُعنَون بحفظ الأشعار، وقد حَظيت الأديبة ميّ زيادة باهتمام كبير من والديها كونها الابنة الوحيدة لهما بعد وفاة أخيها، وممّا قالته أمُّها فيها:

أن من ينجبْ ميّاً، لا يُنجبْ غيرها.

بدأت ميّ زيادة أول مراحلها التّعليميّة في مدارس النّاصرة الابتدائيّة، وعلى وجه التحديد في دير المدينة الذي ذَكرته في كِتاباتِها، ثمّ عادَت لِموطن أبيها في لبنان، وفي كسروان تَحديداً وهي في سِنّ الرّابعة عشر، ثمّ تابعت دراستها الثانويّة في دير الرّاهبات في مَنطقة عينطورة، وتعرّفت هناك عَلى الأدب الفرنسي والرومنسي الذي أخذ يروقها بشكلٍ خاص.

 كما التحقت بعدة مدارس أخرى في لبنان عام 1904 لتنتقل العائلة بعدها عائدةً إلى الناصرة، ويشاع أنها نشرت أولى مقالاتها في سن السادسة عشر. إلّا أنّ ذلك لم يُنسها المدينة التي وُلدت فيها.


تفوقت ميّ زيادة في الدراسة والتحصيل العلمي. وأكسبها اطّلاعُها الواسِع عَلى التّراث العَربي، والأدب الأوروبي فصاحةً وتعبيرًا واضحًا. ومنحها الترحال بين كسروان ويافا وحيفا وبيروت والناصرة والقاهرة ثقةً عاليةً بِنفسها، ومَعرفة عَميقة بِمعاناةِ السكان وحاجاتِهم وأحوالِهم.


 فَتَح لَها التعليم والصحافة أبوابَ الصداقة والتَّعارف مَع صحفيين ومفكرين وأدباء كَثيرون في لبنان ومصر وبلاد المهجر. أفادت من ثقافة والديها المُتعلمين، ومِن مُلاحظات أساتِذتها وعِلمهم

انتَقلت مَي زيادة إلى مصر سَنة 1907، أقامَت في العاصِمة القاهرة، حيثُ عَملت بِتدريس الُّلغتين الفرنسية والإنجليزية، وقامَت بِدراسة الألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوَقت ذاته، بَذلت الجُهد في إتقان اللُّغة العَربية والتَّعبير بِها وفيما بَعد، تابَعت في جامعة القاهرة دِراسة الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة.


 بعد أن تخرّجت من كلية الآداب في القاهرة، وُلدت فكرة مي بإنشاء صالونها الأدبيّ الخاص، وعقدهِ كل ثلاثاء من كل أسبوع وقد امتازت بسعة الأفق ودقة الشعور وجمال اللغة. كما أنها نشرت مقالاتٍ وأبحاثاً في الصُحف والمجلات المصريّة، مثل المقطم، والأهرام، والزهور، والمحروسة، والهلال، والمقتطف. أما الكتب، فقد كان باكورة إنتاجها في عام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية وأول أعمالها بالفرنسية كان بعنوان «أزاهير حلم». وفيما بعد صدر لها «باحثة البادية» عام 1920، و«كلمات وإشارات» عام 1922، و«المساواة» عام 1923، و«ظلمات وأشعة» عام 1923، و«بين الجزر والمد» عام 1924، و«الصحائف» عام 1924.

كانَ لِمي دَور في الدِّفاع عَن حُقوق المَرأة، وبِمُطالبة المُساواة كَما أنّها استَحقّت أن تَكون رائِدة مِن رائِدات النَّهضة النِّسائية العَربيَّة الحَديثة، حَيثُ كانَت مُتطلعَة عَلى تاريخ المرأة في الفَترة التي سَبَقت سَجنها فَأكثرت مِن الكِتابة والمُحاضرات والنّدوات؛ لِلمُطالبة بِحقوق المرأة. طالَبت بإنصافِ المرأة وبِأن تَتحرر عَلى ألا تَخرُجَ مِن قُيود المَعقول والمَقبول، رَفضت أن تَعيشَ المرأة أشَد أنواعِ الاستِغلال، فَقد أفقَدها ذلك مَكوناتِها الشّخصية، كَما كَتَبت عَن تَعليم المَرأة فقالت:

النّور النّور، نُريد النّور دومًا وفي كُلّ مَكان، نُريدُ أن يَفهم الرَّجل كَرامة المَرأة، وأن تَفهم المَرأة كَرامَة الإنسانية


تقول أيضًا أنه لا يُمكن لِلرجل أن يَختَرق عالَم المَرأة حَتى وإن نادى بِتحرير المَرأة وتَثقيفها وتَعليمها فَهو يَنظر لِلموضوع مِن خارِج المَرأة فَقط، لذلك كانَت تُقدّر مُبادرة الرّجل أمثال بطرس البستاني، ورفاعة الطهطاوي وقاسم أمين في المُناداة بِتعليم المَرأة في عَصرِهم، لكن بِرأيِها أنّ مَن يُحرّر المَرأة هِي المَرأة ذاتَها. وقد أكّدت عَلى ذلك في مُحاضرة لَها بِعُنوان «غاية الحياة» ألقَتها في جَمعيّة «فتاة مصر الفتاة»، ومَقال بِعنوان «الفَتاة المَصريّة ومَوقِفها اليَوم» الّذي تَم نَشرُه في صَحيفة «السّياسة» المّصريَة


تَعارف مي وجبران عبر الرسائل عِندما كَتبت مَي زيادة مَقالة تُعبّر فيها عَن رأيها بِقصيدة جبران خليل جبران «المواكب»، حَيثُ كانت مي مُعجبة بِأفكاره وآراءه، ثُمَ كَتبت لَه رِسالة تُعبّر فيها عَن رأيها أيضاً بِقصة «الأجنحة المتكسرة» الّتي نَشرها في المهجر عام 1912م حيث كتبت لَهُ:

   

إنّنا لا نَتفق في مَوضوع الزّواج يا جُبران. أنا أحترمُ أفكارَك وأجلُ مَبادئك، لِأنني أعرِفُك صادِقاً في تَعزيزها، مُخلصاً في الدِّفاع عَنها، وكُلُها تَرمي إلى مَقاصِدَ شَريفة. وأُشاركك أيضاً في المَبدأ الأساسيّ القائِل بِحرية المَرأة، فكالرجل يَجبُ أن تَكون المرأة مُطلقة الحُريّة في انتِخاب زَوجها من بَين الشُّبان، تابِعة بذلك مُيولَها وإلهاماتِها الشّخصية، لا مَكيفة حَياتها في القالِب الّذي اختارَهُ لَها الجيرانُ والمَعارف......."


عِندما أقيم احتفالٌ كَبير لِلشاعر «خليل مطران» في القاهرة وطَلَب مَنشئ الهِلال «جرجي زيدان» مِن جبران أن يُرسلَ كَلمته، طلبَ زيدان مِن مَي زيادة أن تَقرأ نَص جبران في ذلك الحَفل نِيابةً عَنه، وفي عام 1914م بَدأت العَلاقة التّراسُلية بَينهما، وتَوثقت العَلاقة بَينهُما شيئاً فشيئاً فَتدرّجت مِن التّحفظ إلى التّودد إلى الإعجاب ومِن ثُم الصّداقة حَتى وَصل الأمرُ إلى الحب في عام 1919م. عَلى الرُّغم مِن ذلك إلا أنّ كِلاهما كانَ يَخشى التّصريح بِحبه لِلآخر، فَيلجأ إلى التّلميح فَلم يُخاطبا بَعضهُما بالّطريقة المَألوفة بَينَ العُشاق، فجبران لَم يَكن يُسمي الأشياءَ والمَشاعِر بأسمائِها إنمّا كانَ يَرمِز إليها فَعبّر عَن حُبه لِمي بِقوله:

 

أنت تحيين فيّ، وأنا أحيا فيكِ"، ووصف علاقتهما أيضاً بقوله: " الدّقيقة، والقويّة، والغَريبة" وأنّها "أصلَبُ وأبقى، بِما لا يُقاس مِن الرّوابِط الدّموية والجَنينيّة حتى والأخلاقية

   

عَلى الرُّغم مِن ارتباط جُبران بالعديدِ مِن النّساء الأُخريات مِثل: ميشيلين وماري هسكل وغَيرهن، إلّا أنَّ مي كانَت صَديقَته وحَبيبته وَلطالَما عَبّرعَن إعجابِه بِكتابَتها وبِذوقِها وثَقافتها عَبر رَسائِله إلَيها، وَأخبَرها بِما لَم يُخبرغَيرها بِه، طُفولَته وأحلامَه وكِتاباته، أحبّ فيها أيضاً حُبها لَهُ فَقد كانَ جبران الحُب الوَحيد في حَياة مي، وعَلى الرّغم مِن هذا الحُب الكَبير بَينهما إلّا أنَّ أحداً لَم يَلتقي بِالآخر ويُقال أيضاً أنّهُما تَجنبا لِقاءَ بَعضهما، واستمرّا فَقط بِكتابةِ الرّسائل لِبعضِهما، واستمرت المُراسلة بَينهما ما يُقارب العشرين عاماً، وانتَهت بِوفاة جبران خليل جبران في نيويورك عام 1931م، ما شَكّل صَدمة كَبيرة لمي وعاشَت بَقية حياتها وَحيدة.


 تُعد رَسائلهما أحَد أهَم الأعمال في فن المراسلة، حَيثُ قامَ جبران خليل جبران بِتأليف كِتاب يَضم جَميع رَسائِلُه لَها وعَددُها 37 رسالة بعنوان «الشعلة الزرقاء


بَعد أن تُوفي والِدها في عام 1929م ثمَّ والدَتها في عام 1932م، تبعها وفاة جُبران، عادَت على إثر ذلك إلى لبنان 1938م، حَيثُ أساءَ أقارُبها مُعاملتها، وتَم إدخالها مَشفى لِلأمراض العَقلية في العصفوريّة قرب بيروت، وبَعد أن خَرجت مِنه أقامَت عِند الأديب والمُفكّر الُّلبناني أمين الريحاني، ثم عادَت إلى مصر وزارت العَديد مِن البُلدان الأوروبيّة لِلتخفيف عَن نَفسِها واستقرت في مصر، تُوفيت في مُستشفى المُعادي في 17 تشرين الأول 1941م في مَدينة القاهرة عن عمر يُناهز 55 عاماً.


 وَلَم يَمشِ في جنازتها سِوى ثَلاثة: أحمد لطفي السيد، خليل مطران، وأنطوان الجميل.


 قالَت هُدى شعراوي في تأبينِها:


   كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة». وكُتبت في رثائها مَقالات كَثيرة بَينها مَقالة لأمين الريحاني نُشرت في «جريدة المكشوف» اللبنانية عُنوانها «انطفأت مي»


Aramaic Culture in History 

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

سيرة حياة الأستاذ المبدع إلياس عنتر

 السيرة الذاتية المختصرة لـلموسوعة العلمية و الأدبية  الأستاذ الغني عن التعريف  الأستاذ الياس عنتر Alias Antar  *- وُلد الياس عنتر في قبور ا...